تخيل لو إقتنع العالم كله وتحيداً عشاق اللحوم حول العالم بهذ الفكرة وتحولوا إلى الأنظمة الغذائية النباتية ! كيف سيؤثر ذلك على الصناعة والتجارة والزراعة والثروة الحيوانية وعلى العاملين بهذه القطاعات الاقتصادية !؟ من ناحية أخرى ، هل تعتقد إذا كنت شخصاً نباتياً أنك تشكل خطراً على البيئة بطريقة أو بأخرى !؟.

وفقاً لتقرير صدر العام الماضي من منظمة الأغذية و الزراعة (FAO) التابعة للأمم المتحدة .. إن صناعة اللحوم تعد من أكثر الصناعات المهددة للبيئة لإنها تساهم وحدها بـ 14.5% من إنبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن نشاطات الانسان ، حالياً يتم بذل كثير من الجهود في أغلب بلدان العالم لجذب محبي اللحوم لمنتجات شبيهه ولكن خالية منها كبرجر الخضار مثلاً ، أو مثل جذب محبي منتجات الألبان نحو الحليب الاصطناعي ، وذلك للحد من إستخدام أراضي تربية الأبقار وبالتالي وقف عملية التلوث والنفايات ، ولكن هل تعتقد أن ذلك سوف ينجح لاحقاً !؟ لا أظن أن محبي المنتجات الحيوانية سوف يتخلون عنها بهذه السهولة ! لكن تخيل ماذا لو فعلوا و إستغنوا عنها !؟ ماذا لو تمكنا بطريقة ما إقناع جميع سكان الأرض بالتخلي عن اللحوم للأبد !؟ ماذا سيحل بالعالم بعدها !؟ تخيل هذا لثواني قبل قراءة السطور القادمة !.

وفقاً لـ "في أندرسون" الكاتبة على موقع slate.com فإنها أعدت فريق بحثى و سألت هذا السؤال ، وفي عام 2009 تم تقدير الأرقام بافتراض أن العالم أصبح نباتياً بالكامل ! ، حيث وجد الباحثون من الوكالة الهولندية للتقييم البيئي أنه في حالة تحول كل سكان الكوكب إلى النظام النباتي و أصبحوا نباتيين فإن :-

ولكن كما تقول أندرسون أن تجنب العالم للحوم لا يكفي بمفرده للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري ولكن من شأنه أن يقطع مشواراً طويلاً في الحد من تغير المناخ.

كما أفاد الباحثون بشئ آخر إيجابي وهو عدم تناول وجبات اللحوم والدواجن سيجعل مشكلة مقاومة المضادات الحيوية المستخدمة في تربية المواشي أقل خطورة مما هي عليه الآن ، غالباً ما يتم تربية المواشي في اصطبلات مغلقة بشكل محكم جداً حيث يظن المزارع أنه بذلك يفعل كل ما بوسعه لمنع انتقال أي عدوى ، حيث إن المضادات الحيوية لا تقي من المرض فحسب بل تعزز النمو أيضاً مما يعطي قيمة أكبر للمواشي ولكن ذلك لا يساعد البشرية على المدى الطويل ، و وفقاً لتقرير المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض والوقاية فإن "الاستخدام المبالغ للمضادات الحيوية للحيوانات هو أمر غير ملائم وغير ضروري كما أنه يجعل الجميع أقل صحة".

هناك أيضاً التأثير الاقتصادي على صناعة اللحوم ، و بحسب تقرير للأمم المتحدة في عام 2006 حول الآثار البيئية المدمرة للحوم فإن إنتاج الثروة الحيوانية يمثل 1.4% من الناتج الإجمالي العالمي ، كما أن 1.3 مليار شخص حول العالم يعملون في مجال صناعة وتجارة الثروة الحيوانية يعتبر 987 مليون منهم من الفقراء ، لذا فإن انخفاض الطلب على اللحوم بين ليلة وضحاها سيقطع أرزاق هؤلاء ويوجب عليهم إيجاد سبل أخرى لكسب المال.

أنا أفترض هنا تحول جميع الناس إلى نباتيين فيكون كل شخص سعيداً بأكل كل ما هو موسمي ، ولكن ماذا لو أراد الناس تناول السبانخ مثلاً على العشاء ولم يكن ذلك في موسم السبانخ !؟ إن الحصول على أصناف في غير مواسمها بما في ذلك زراعتها وتوفير الشروط المناسبة لها وشحنها وتخزينها يكلف الكثير على المستوى الاقتصادي والبيئي ، فإن وجود سبعة مليارات شخص نباتي وسعيد لن يكون أبداً حلاً مثالياً طالما أنهم يساهمون بأدنى ضرر للبيئة، ولكن يمكننا بل يتوجب علينا تقليل كمية اللحوم التي نتناولها وهو بطبيعة الحال أمر جيد.

لو إقتنع العالم كله وتحول إلى النباتيين و بحسب آراء الباحثون تتلخص الأخبار الجيدة بانخفاض التلوث وتقليل مقاومة المضادات الحيوية المستخدمة في تربية المواشي ، ولكن من جانب آخرهناك 1.3 مليار شخص حول العالم يعملون في مجال صناعة وتجارة الثروة الحيوانية يعتبر 987 مليون منهم من الفقراء ، لذا فإن انخفاض الطلب على اللحوم بين ليلة وضحاها سيقطع أرزاق هؤلاء ويوجب عليهم إيجاد سبل أخرى لكسب المال ، بالتأكيد يبدو أن تحول العالم إلى النباتية ليس بهذه البساطة ، ولكن ماذا عن تحول كل شخص إلى النباتية ليوم واحد فقط في الأسبوع ؟ هذا ما سوف أتناوله في مقال قادم بإذن الله . . .